يشكو أطباء عدم فعالية أدوية كانوا قد أعطوها لمرضاهم ويصفونها بـ “غير الفعالة”، فبعد أن اعتمدها المرضى في علاجاتهم لم يلحظوا أيّ تحسن وفي حالات معينة تدهورت صحة بعضهم لأنّ الأدوية التي اشتروها مزوة وربما منتهية الصلاحية
كتبت ناديا الحلاق لـ “هنا لبنان”:
أدى تراجع استيراد الدواء خلال السنوات الماضية إلى اكتساح الأدوية المهرّبة الأسواق اللبنانيّة، منها ما هو مزوّر ومنها محفوظ بطريقة خاطئة ما يهدد سلامة المرضى وينذر بكارثة صحيّة.
قصص متشابهة تخرج إلى العلن من أطباء يشتكون عدم فعالية أدوية كانوا قد أعطوها لمرضاهم مثل الأدوية المضادة للالتهابات والمسكنات وأدوية الأعصاب وغيرها، إذ وصفوها بـ “غير الفعالة”، فبعد أن اعتمدها المرضى في علاجاتهم لم يلحظوا أي تحسن لا بل وفي حالات معينة تدهورت صحة بعضهم، لأنّ الأدوية التي اشتروها ربما مزوة وربما منتهية الصلاحية.
ويقول محمود أنه اشترى دواء مضادًا للالتهاب لابنه البالغ من العمر 5 سنوات من إحدى الصيدليات بعد أن أصابه فيروس أدى إلى التهاب حنجرته وأذنيه، وبعد أسبوع من تلقيه العلاج لم يتجاوب الطفل مع الدواء.
جيهان أيضاً اشترت دواءً مضاداً للالتهابات ولم تستفد عليه ما اضطرها إلى تغير الدواء لاستكمال علاجها.
وتقول جيهان أنّ لون العلبة من الداخل كان أصفر إلا أنها لم تراجع الصيدلي بما أنّ العبوة كانت “مختومة”.
هذا وأكدت مصادر طبية أنّ عدداً من أدوية الأمراض المستعصية أيضاً لم تعطِ أيّ فعالية على المرضى ما أدى إلى تراجع صحتهم تدريجياً.
كل ذلك يؤكد على انتشار ظاهرة الأدوية المهربة والمزورة من سوريا وتركيا ومصر وايران إلى لبنان. فكم حجم الأدوية المهربة وكيف يستطيع المريض أن يميز بين الدواء الشرعي وغير الشرعي؟
أوضح عضو نقابة الصيادلة في لبنان سهيل غريب في حديث لـ “هنا لبنان” أنّ “الأدوية المزورة أو المهربة تشكل 50% تقريباً من نسبة الأدوية في السوق اللبنانية، وهي تدخل عبر المعابر غير الشرعية من سوريا وتركيا وإيران ومصر، وهي قنبلة موقوتة بالنسبة لصحة المواطن اللبناني، مشيراً إلى أنّ نقابة الصيادلة تستنكر هذا الموضوع وترفضه لما قد يهدد صحة وسلامة اللبنانيين”.
ويحذر غريب من “استعمال هذه الأدوية بسبب عدم معرفة طريقة تخزينها ومدة حفظها داخل الحاويات أثناء نقلها إلى السوق السوداء لبيعها، ومدى تعرضها للحرارة والرطوبة”.
وعن كيفية التمييز بين الدواء الشرعي وغير الشرعي يقول: “من الصعب جداً التمييز لأنّ التزوير أصبح احترافياً لدرجة يصعب على المواطن اكتشافه، لذا يجب أن يشتري المريض أدويته من صيدلاني موثوق كونه الخبير الوحيد بالأدوية وهو القادر على إعطاء الدواء السليم والقانوني والمرخص من قبل وزارة الصحة”.
ويردف: “بحسب القانون اللبناني تعتبر الصيدليات المكان الوحيد المخصص لشراء الدواء كونها تخضع لتفتيش وزارة الصحة ونقابة الصيادلة باستمرار. كما يشدد على عدم شراء أي دواء عبر “الأونلاين” لأنه حتماً سيكون مزوراً”.
ويلفت غريب إلى أنّ “بعض الأدوية المهربة إلى لبنان هي مزورة حيث تم مؤخراً في بعض الدول إعلان القبض على صاحب إحدى المصانع المختصة في تزوير أغلفة الأدوية التركية والسورية والإيرانية ومن ثم بيعها في الأسواق اللبنانية، مشيراً إلى أن احدى شركات الأدوية المستعصية اشترت هذا الدواء وأجرت فحصاً مخبرياً على عينة منه ليتبين أنه يحتوي على الماء بدلاً من الدواء ويتم بيعه بأسعار مرتفعة جداً في السوق السوداء”.
كما تحدث غريب عن “قضية إدخال الأدوية غير الشرعية إلى السوق اللبناني عبر قنوات خاصة ليصار إلى بيعها في الصيدليات الخاصة أو عبر المستوصفات غير القانونية. ومن بين هذه الصيدليات يسمي غريب صيدلية المرتضى التي كانت تبيع الدواء تحت حجة تقديمه مجاناً لعوائل الشهداء”.
وفي سؤال عما لو كانت الأدوية المهربة تشكل منافسة على الصيدليات يجيب: بالتأكيد لا، إنها قضية إنسانية بالدرجة الأولى بل وتشكل خطراً على صحة المرضى لما قد تحتويه من سموم وهو السبب الرئيسي للتنديد بتهريب الدواء”.
وشدد غريب على ضرورة أن تستوفي الأدوية الشروط المطلوبة قبل إدخالها إلى لبنان وأن تخضع للفحوصات المخبرية وتحصل على شهادة منشأ من مختبر معترف به عالمياً. وحمّل وزارة الصحة مسؤولية التساهل في إدخال الأدوية المهربة إلى الأسواق اللبنانية.
المصدر: “هنا لبنان” “ناديا الحلاق”