فقرة خارج السياق للكاتب جورج صبّاغ٠
تفاجأ العالم بأسره للتغيير السريع الحاصل في سوريا إثر سقوط نظام الأسد واستبداله بنظام آخر جديد ، وكأن زلزالاً مدمراً حصل او إنقلاباً عسكرياً أطاح بكل هيكلية النظام ، إنما شَكل الحدث أخذ لُبوس الثورة الشعبية من خلال إئتلاف الفصائل المسلٌحة المعارِضة للنظام الذي دام حوالى خمسون عاماً جاثماً على صدور شعبه ( وفق التوصيف الشائع ) ، قابضاً على المفاصل الأساسية تحت شعار القومية العربية ولبوس النظام ” البعثي العلماني” .
حَكَم الأسدان تحت راية هذه المنظومة ( الأول بإنقلاب ما سمي الحركة التصحيحية والثاني بالتوريث ) ، إلا أن سبب إطالة حُكمهما هو مَسْك العصا من طرفِها وليس من وسطها ،
وتحوّل النظام ” البعثي العلماني” تدريجياً الى نظام علوي أقلوي ( حوالى مليوني علوي تقريبا ) يحكمون 23 مليون سوري من مختلف الطوائف والإتنيات مع قمعٍ للمعارضة السياسية ، وعلى مساحة قدرها 183000 كلم مربع أي 18 ضعف مساحة لبنان ، وذلك من خلال الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية العديدة كما وبإستلام المراكز الحساسة والهامة في الدولة السورية وتطويعها للإمساك بمفاصلها ومواجهة معارضي هذا النظام ، وبحصول حروب ومجازر وثورات وقمع وانتهاكات وضحايا إيام الأب والإبن ، ادّى في نهاية المطاف الى هذه “الثورة الشعبية الكبرى” بعد تراكمها على مدى سنوات من نظام الحكم التوتاليتاري الأقلوي ( المُتهم من غالبية الشعب السوري بأنه فئوي عنصري ) .
لن نسرُدَ ما حصل خلال الخمسين عاما من “حُكم الأسدين” والكل على بيّنة واطلاع ( بتفاصيل الحقبتين لا سيما محاربة جماعة الإخوان المسلمين ) ، مع تنويهنا على تدخل الدول الإقليمية والدولية في محاربة النظام ودعم الفصائل المعارِضة المسلحة والثوار والشعب التوّاق للحرية خلال العقدين الأخيرين تحديدا ( والإستثمار في هذه الجماعات لمصالح تلك الدول غالباً ) ، مع الإشارة الى أهمية ” الجغرافيا السورية” في المنطقة فهي تجاوِر خمس بلدان ( خمس حدود ) وتالياً أهمية الدور للدولة السورية متأتٍ من الموقع ألهام ( وكانت توصف بأنها قلب العروبة دون منازع ) .
نخلص الى القول أن تغيير النظام في سوريا الجارة سينعكس حكما على لبنان ، آملين قيام نظام علماني حقيقي لا يخاصم الدين و لا يقهر الطوائف ، بانتظار جلاء غبار التغيير الحاصل حديثاً والضبابية التي تلف المشهد السياسي حتى الآن رغم بروز بعض الإيجابيات التي يبنى عليها ويؤمل منها خيراً .
# الطبق اللبناني #
مع تأكيدنا على أن كل الذين شاركوا من الدول في هذه الطبخة سيأكلون الطبق الذي يشتهوه ووفق رغبتهم ،
أما” طبق التحلية” للبنان فهو عودة النازحين السوريين الى ديارهم ،
وانتخاب رئيس للجمهورية في الجلسة المحددة بتاريخ 9 كانون الثاني المقبل 2025 ،
من ثم إقامة علاقات ندية ضمن إحترام سيادة واستقلال ومصالح كل من البلدين ( مع الدولة السورية الجديدة) بعد استكمال بناء مؤسساتنا الدستورية ،
حينئذٍ يبنى على الشيء مقتضاه .
عملية غسْل الصحون لمن ستكون ، وما هو طبق فلسطين من هذه الطبخة يا ترى ؟
فالصلاة والتضرٌع لملك الملوك الذي سنحتفل بعيد ميلاده قريبا ، مخلّص البشرية جمعاء راجينَه أن يمنّ علينا وعلى بلادنا بالأمن والطمأنينة ،
والسلام .