فقرة خارج السياق، الكاتب جورج صباغ.
يتزاحم (المحللون السياسيون) ليطلوا على الجمهور اللبناني المسيّس أساسا من رأسه حتى أخمص قدميه، عبر البرامج السياسية لمحطات التلفزة والتي هي في منافسة شديدة في ما بينها، كما على الإذاعات والتي أصبح عددها كبيرا جداً وغزت موجات وأثير ال AM وال FM، إضافة إلى المواقع الإلكترونية والمنصات والتي نشهد لها مؤخرا طفرة واسعة جدا.
ويتم التعريف على هؤلاء “المحللين” الضيوف وتصنيفهم بشتى الفئات والإختصاصات، فعلى سبيل المثال لا الحصر:
صحافي ومحلل سياسي – إعلامي وناشط سياسي – محلل سياسي مختص بشؤون الدولة الفلانية – محلل سياسي مختص بالشؤون العسكرية – محلل سياسي واستراتيجي – محلل سياسي مختص بالشؤون البيئية – محلل سياسي مختص بقضايا اللاجئين والنزوح – محلل سياسي مختص بالشؤون الاقتصادية وخبير بقضايا المال – محلل سياسي ومختص بالسياسة الخارجية والدولية – محلل سياسي ومختص بالشؤون الإجتماعي، …الخ
وينبري بعض هؤلاء ومن الوسيلة التي تستضيفه، على إجراء مطولات تحليلية إجابة على سؤال المُضيف أوالموضوع المطروح او عنوان المنشور والمَقال، وكل وفق توجهه وهواه السياسي فتراه مستندا في قراءاته وتحليلاته على معلومات يستقيها إما من الصحف او نشرات الاخبار، (ويعجنها بخميرته) التي تتناسب وخياراته والتزاماته وهواه السياسي، وغالبا ما تكون تلك التحليلات بعيدة عن الواقع ومغايرة كليا عن تحليلات سواه، (شتان بين محلل وآخر) فيحار القارىء والمتابع او المستمع من أمر هؤلاء وأي آراء ياخذ بها وعلى اي تحليلات يراهن ليأخذ بها كمعطى صحيح وراسخ، مع التأكيد على حرية الصحافة والإعلام في بلد الحريات، (وطن الأرز).
هذا إذا ما ناقض نفسه أحيانا عندما يستشيط في مطولاته التحليلية وأحيانا أخرى في خياله الواسع.
والأهم من كل ذلك فإن السياسة والقرارات الكبرى نحديداً ليست ثابتة، خاصة لدى الجماعات والمجتمعات والدول عادة ً الكبرى كما الصغرى منها تُبدّل سياساتها وفق مصالحِها، وهنا نختصر ونخلُص إلى السؤال البديهي المركزي، في ضوء ما ذكرناه آنفا، هل يستطيع هؤلاء المحللين السياسيين ان يصيبوا في تحليلاتهم تلك (او بتزبط معهم بالصدفة بالحظ أم بالقُرعة؟)
وهل هم في مواقع قرارات الدول او يتنصتون على غرف عملياتها المُغلقة بإحكام؟؟؟
او يتعمدون تسريب معلومات لصالح جهات تطلبها منهم بحكم (العلاقة والصداقة)؟؟؟
وبالتالي أليس في سياسات الدول وقراراتها ما هو معلوم ومطروح بالعلن على الطاولة، كما لها سياساتها التي تُطبخ في الخفاء والكواليس تماهيا مع مصالحها، وتُمرَّر من تحت الطاولة؟؟؟
ام هم أقرب إلى منجّمين ومبرّجين وعرّافين وقارئي كف وقارئي فنجان؟؟؟
(ايها المحللون إستمروا هكذا، وحللوا وسلّونا).
إزاء هذا الواقع اللجوء إلى إلإستمتاع بأحاديث (البصّارة البرّاجة)، لهوَ مسلّي أكثر، وممتع، للترويح عن النفس في هذه الظروف الصعبة والضاغطة.
والسلام.