فقرة خارج السياق للكاتب جورج صبّاغ
خسر محور الممانعة الحرب، وتكبّد خسائر لا تحصى ولا تعد، لأسباب عديدة باتت معلومة اهمها سوء تقدير لموازين القوى والقدرات العسكرية والتطور التكنولوجي كما لنتائجها المدمرة، والمخططات المخفية والمعدة سلفا، لتغيير معالم الشرق الأوسط برمته.
على الجهة اللبنانية مُنيت “المقاومة” بخسارات هي الأشد إيلاما، تمثلت بفقدان معظم قادتها الميدانيين وعلى رأسهم قائدها الإستثنائي (السيد حسن)، وآلاف المقاتلين ودمرت غالبية قدراتهم وتجهيزاتهم العسكرية إضافة إلى معظم مواقعهم القتالية، ودُمرت جميع بلداتهم الحدودية ولا تزال تُدمّر بيتا بيتا، وكما في الضاحية كذلك في البقاع، ونزح ما يقارب مليون ومائتي الف من بيئة المقاومة الى أماكن أكثر أمنا ً وأماناً،
وانقطعت عليهم طرق الإمداد وسبل المساعدات، لا سيما بعد سقوط” نظام الأسد” مؤخرا وبخلال اسبوع وسيطرة الفصائل المعارضة المسلحة وتسلّم (الجولاني) رئاسة سوريا.
“النِمر” الذي تغذّى جيداً وتعاظمت قدراته على كافة المستويات، بدعم إقليمي لامتناهي، خاض عدة معارك وحروب، لسنا في وارد تعدادها الآن باعتبار لم يمر عليها الزمن، آخرها (حرب إسناد غزة) فور بدء حرب” طوفان الأقصى” مباشرة، هذه الحرب استمرت سنة وشهران متواصلة وأدت الى ما ادت اليه، وخرج “النمر” هذا الذي كان صاحب الأمر والنهي في لبنان كما وله مكانته العظمى في قيادة “المحور” على مدى ما يناهز ثلاثة عقود، كان يزأر في وجه هذه الجهة ويهدد تلك ويخيف سواهما، خرج من معارك حرب الإسناد مثخن بالجراح العميقة لكنه بقي حياً ( تشبيه ).
ولكن للحفاظ على ما تبقى له من (انياب وعضلات ومخالب) وللحد من الخسائر الفادحة، ونتيجة ضغوط الميدان والمساعي الدبلوماسية الدولية، وَقع إتفاق وقف إطلاق النار وتنفيذ ال 1701 زائد، بشروط الخارج مُرغماً.
لم يعترف” النمر الجريح” بخسارته للحرب، أولا لأنه بقي حياً، من ثم لشعوره بأنه غير مهزوم والذي يعبّر عنه علانية من خلال امينه العام” الخلف ” ومعظم مسؤوليه وقادته السياسيين والإعلاميين.
( لا مهزوم ولا مأزوم ) هل هذه المعادلة تجسّد واقع “النمر” المثخن بالجراح العميقة؟
في الحقيقة وبالتحليل الواقعي والمنطقي، إن الهزيمة يحملها “النمر الجريح” في حنايا صدره ويضمرها في ذاته الداخلية لأكثر من سبب وغاية ويتجاوزها في العلن وينكرها، وما يَصدر عنه من مواقف وتصرفات وتحركات متأتية من حالة نفسية مُتعبة لتخطّي شعور الهزيمة من خلال ردات الفعل هذه على مسائل وعناوين ومفاصل متعددة ومتنوعة ( وهذا أمر طبيعي في هكذا حالات ) وإزاء ما نوّهنا عليه توجّب علينا تفهم هذا الواقع والتعامل معه “بحكمة الأفعى” ، وعقلانية تامة لتجاوز هذه المرحلة الإنتقالية الحساسة، ولمنع حصول ما لا تُحمد عقباه ولتجنّب الفتن ( لا سمح الله ) وعدم عرقلة إنطلاقة العهد الجديد الواعد، وبحكومة “الإصلاح والإنقاذ ” .
وإننا نلفت إنتباه ” النمر ” أنه ومن منطلق المصلحة الوطنية العليا،
عليه تهدئة جمهوره وبيئته المنكوبين والمجروحين حتى في كرامتهم ، ودعوتهم لمزيد من الصبر،( مع تأكيدنا على حرية التعبير والتظاهر والإعتراض تحت سقف القانون) ولمصلحتهم أولا، وليس من يُضمّد الجراح العميقة سوى الدولة اللبنانية التي تظلل الكل وتحمي الجميع على قدم المساواة، ولا من يحتضنهم سوى شركائهم في الوطن الذين استقبلوهم واستضافوهم في بيوتهم إبان محنة الحرب وازمة النزوح القسري، بكل روح وطنية صادقة وبدون مِنةولا تمنين،
وحذاري اللعب بنار الفتن، مع تأكيدنا على ضرورة التنبه للطوابير الخامسة المتربصين ابداً بنا، ونختم بالقول :
الأمن والقضاء هما اصبعا الله (عز وجل) على الأرض،
وسلاما على من اتبع الهدى والهداية،
والسلام .