فقرة خارج السياق للكاتب جورج صبّاغ.
كل طرفٍ في هذه الحرب ( إسناد غزة والدفاع عن لبنان ) إعتبر أنه أدى قَسطَه الى العُلى وحَقّقَ أهدافَه المرسومة وخرج منتصراً بعد وقف إطلاق النار يوم 27 تشرين الثاني الساعة الرابعة فجراً ، بصرف النظر عن الخسارات الهائلة والتكلفة العالية لدى الطرفين ، ( وقد عرضنا معظمها في مقالاتنا السابقة ) .
وقف إطلاق النار ، أم هدنة مؤقتة أم إنهاء حالة الحرب أم تسوية للتهدئة أم تنفيذ القرارات الدولية أم معاهدة تمهّد لحل نهائي للصراع على حدودنا الجنوبية أم فتح باب للتطبيع ، ولمن الغلبة في ما ذكرنا ولمصلحة من هذا ( الإتفاق ) وكفةّ الميزان تميل لأي طرف ؟
بغض النظر عمّا يشيّع كل طرف ، نستطيع القول أن لبنان دخل مرحلة جديدة وقد يُشكل هذا الإتفاق فرصة تاريخية لإعادة بناء دولة قوية قادرة عصرية إذا ما تم تنفيذه كاملاً وبدقة بكافة بنوده ومندرجاته ، وانعتقنا الى إنتخاب رئيس للجمهورية بالجلسة المقررة
لإستكمال بناء المؤسسات الدستورية لنلقى إحترام الدول ولنثبّت هذا الكيان وللنهوض به مجدداً من تحت الركام .
ألغام عدة بحناياه ، وإنكار اطرافه لبعض البنود قد تفجّره و ثمة عقبات قد تحُولُ دون تنفيذه كاملا !!!
كلنا نشهد على الخروقات الكبيرة والعديدة الحاصلة حتى الآن ( ضمن مهلة الستين يوم ) من طلعات جوية وقصف وتهديد للمغادرة وإبعاد السكان العائدين كما الرد أحيانا ً على القصفِ بالقصف والإستفزازات وجهاً لوجه ، إضافةً إلى عمليات التفجير للمباني السكنية وغيرها في قرى الحافة الأمامية والتجريف للطرقات والشوارع والأراضي الزراعية والمزروعات ( وقد تحوّلت الى أثر بعد عين ) .
أما الأهم ، فيبقى في أن الإتفاق ينص على منع حمل السلاح بكافة انواعه ومستوياته ومنع التسلح وإعادة التسليح والتصنيع وكل ما يمت بصلة به ونزعه من جميع التنظيمات المسلحة دون إستثناء ، ( بدءاً من شمال الليطاني ليشمل كل مساحة الوطن اللبناني ) ،
بينما نسمع مواقف يردّد أصحابُها بإصرار على معادلة ” الجيش والشعب والمقاومة “.
السؤال البديهي هنا من سينزع السلاح ، الجواب وفق الإتفاق الجيش اللبناني حكماً ، وهل ستحصل العملية بهدوء وروية وبطريقة سلسة دون مواجهات وبإتفاقات سياسية رشيدة وحكيمة وهل ستكون عملية ” نزع سلاح أم تسليم سلاح ” للجيش اللبناني ؟
المسألة الثانية المُقلِقة وهي موضع ومَحطّ إشكالية كبرى ، أي الملحق للإتفاق المبرم بين الاميركيين والإسرائيليين ( حصراً ) بمنأى عن الطرف اللبناني ( وهناك من يعتبر أنه غير مُجبر للإلتزام به كونه” مُلحق ولم يطّلع عليه البتّة” ، بينما ثمة نظرية أخرى تقول من وقّع على الإتفاق الأساس فهو بحكم الموافق على مُلحقِه ) ،
وهو المتعلق بالأخص بمتابعة الإختراقات ضمن وحدات الجيش اللبناني من قبل المنظمات المسلحة وملاحقة هذه المسألة إذا ما حصلت والتدخل مباشرة لمنعها والتصدي لها .
كذلك يجيز للجيش الإسرائيلي إجراء طلعات جوية للمراقبة والإستعلام على كافة المساحة اللبنانية وعلى مرتفعات عالية ( دون ضجيج او إزعاج ) ، وكثيرون يرون في هذا البند – الإجراء إنتهاكاً فادحاً وفاضحاً للسيادة الوطنية .
تطمينات غربية أكثر منها ضمانات ، وبالتالي ما كُتب قد كُتب .
ما ابرزناه هو غيض من فيض ويستدعي المتابعة والترقّب بعينِ الحذَر على شمال الليطاني وعينٍ على جنوبه وجبهتنا الداخلية اللبنانية كما والعينين على ” عين التينة ” ، وتبقى العِبرة في الإلتزام والتنفيذ للقرارات الدولية بدقة والإلتفات بعين الحذر للتطورات السورية والسقوط المدوّي والسريع لنظام بشار الأسد وتداعياته على وضعنا اللبناني الجيوسياسي وفتح صفحة جديدة في حياة السوريين والعلاقة بين البلدين ، آملين عودة النازحين منهم إلى ديارهم وبلدهم ، فلننتظر ونرى ،
والسلام .