فقرة خارج السياق للكاتب جورج صبّاغ
الحرب اللبنانية، الحرب الأهلية، حرب الآخرين على أرضنا، حرب الوجود، حرب الصمود، حرب الوطن البديل، حرب تصفية الحسابات على الساحة اللبنانية، حرب حلّ أزمة المنطقة على حساب لبنان وشعبه، حرب السيادة والحرية والاستقلال…
الخكثرت توصيفات الحرب وتعددت تسمياتها وكلّ ينظّر لها وفق قناعته او رؤيته او مدى انغماسه فيها او من خلفيته السياسية والفكرية والثقافية وانتمائه وعقيدته.
والكل شارك فيها بطريقة او بأخرى (والكل كان على حق والكل أخطأ) ودُمر البلد وانهار على كافة المستويات ووقع ما يزيد عن مائتي الف شهيد من كافة الأطراف المتحاربة عدا المعوقين والمعطوبين والمفقودين قسرا ، علاوة عن الاغتيالات لقيادات روحية وزعامات سياسية وذلك حتى تاريخ إبرام إتفاق الطائف عام 1990 الذي أوقف الحرب المدمّرة ولكن لم يبنِ دولة ، وهكذا بتنا جميعا ضحاياها ولم نزل. وعند كل استحقاق او مفصل سياسي تتجدد الأزمات ونعود الى المراوحة والتعطيل والفراغ والأزمات الحكومية والرئاسية ، وكأننا نصارع طواحين الهواء .فما هي الأسباب وأين تكمن الأعطاب والمعوقات التي تحول دون قيام دولة حقيقية وتمنع انتظام حياتنا الوطنية على المستويات كافة ؟نسارع الى القول أن لبنان والمكوًن من ثمانية عشرة طائفة ، وكل منها لها كيانها المستقل ومؤسساتها الخاصة بها على المستويات كافة ، التربوية والثقافية والمالية والإستشفائية والجامعية والرياضية والإستثمارية والتملكية والاوقافتية الى ما هنالك .كما ولكل منها ارتباطاتها الخارجية بهذه الدولة اوتلك ، عوض أن تكون العلاقات الخارجية لمركزية الدولة فقط ، ولأننا ما زلنا مكونات متشابكة لا منصهرة ومتماسكة ولأننا لم ننجز الهوية الوطنية الجامعة ولاننا لم نبلغ سن الرشد السياسي الوطني ونحن ما زلنا نتظلل نظام سياسي طوائفي محاصصاتي زبائني متخلف وإن كنا نتغنى بالديمقراطية والحرية ، فسوف نبقى متخلفين عن الركب الحضاري لأن النظام السياسي الطوائفي أثبت فشله على مدى مائة عام ، ولا مناص لنا سوى بالإنتقال الى الدولة المدنية ولو تدريجيا وعبثا نحاول بناء دولة حقيقية سوى باعتماد هذا المسار الوحيد الذي يقودنا الى دولة المواطنة الحقيقية دولة الحداثة والتطوير الحاضنة للكل والحامية لجميع مكوناتها ، وإن كانت الطوائف نعمة فإن الطائفية نقمة وعدوة الإنسانية ،فلنتعظ ونعتبر مما مررنا به واصابنا ، وتنذكر 13 نيسان لنتعلم من أخطائنا (وخطيئتنا الأصلية) ،ومع مصادفة أحد الشعانين ، عيد دخول السيد المسيح الى اورشليم ، نأمل أن نُدخل وطننا الى رحاب التقدم والازدهار والأمان والسلام على وطن السلام .