فقرة خارج السياق للكاتب جورج صبّاغ.
يا خجل مستقبلنا من حاضرنا ويا خوفنا من لعنة الأجيال .
لبنان هذا الوطن الصغير بجغرافيته والذي يشكل درّة تاج هذا المشرق، ومساحة انسانية وموئل لتفاعل الحضارات ومختبر لحوار الأديان، نظرا لتنوع مكوناته وتعددها منذ تأسيسه وملجأ تاريخي للمضطهدين على مرّ العصور، وواحة للحريات على مختلف مستوياتها (كما يتم التعريف به وكما هو على ما عليه).
إلا أن النظام “الطوائفي” لهذا البلد لم يجعل منه وطناً ثابتاً آمناً عزيزاً ، مع التأكيد على أن الطوائف نعمة والطائفية نقمة وشرّ مستطير (ولن أسترسل في هذه المسألة الآن)، وسوف أختصر للتأكيد على أن هذا النظام هو ولّادة أزمات متتالية ومتعددة ونشهد فصولها كل ردهة من الزمن وفي كل محطة سياسية مفصلية، لأن الأعطاب المصاب بها هي بنيوية وبالأساس. أما موضوع الساعة الذي يشكل صراعاً داخلياً حاداً وإن كانت له إمتدادات خارجية، ألا وهو إنتخاب رئيس للجمهورية ليصار من بعده الى تشكيل باقي السلطات الدستورية وانتظام مؤسسات الدولة، نقول، اننا بتنا أمام خيارات محدودة:
ضرورة الاستجابة لدعوات الحوار (رغم تحفظ فريق لخشيته من أن تشكل عُرفاً وسابقة غير قانونية ولا دستورية، علما ان كل الرئاسات ومعظم المواقع الأساسية ليست مكرّسة بالدستور إنما بالاعراف كما هو معلوم)، وإذا ما صفِيت النيات قد يكون لهذه الإشكالية حلاً كتوقيع وثيقة شرف (أو ما شاكل) من قبل الكتل النيابية كافة، كي يطمئن الجميع على ألا تصبح عرفاً ثابتاً.
بالتالي الحاجة إلى الجلوس على طاولة حوار هي أكثر من ملحّة بغض النظر عن شكلها أكانت مستديرة او مستطيلة مربّعة او مثلثة، واذا لم تحل مسألة الرئاسة من خلال الحوار المباشر العقلاني والمتجرد، كيف نصل الى حلحلة لأزماتنا المتراكمة المعقدة؟
على سبيل المثال لا الحصر :
معضلة النزوح كما هي، الحرب القائمة وتداعياتها، ردّ الودائع، التعيينات، الرواتب، البنى التحتية…الخ.
أما إذا لم يُستجب الى دعوات الحوار وتترك الأمور هكذا على غاربها، ونتلهى بالسجالات التي باتت ممجوجة كفاية وبمحاولات تسجيل كل فريق على الآخر نقاط في المناكفات السياسية التي تزيد في التباعد والشرذمة كما تقاذف مسؤوليات التعطيل، فسيأتي حكما اليوم الذي لن ينفع فيه الندم حيث الكل خاسر ولا منتصر، ولن تعود عقارب الساعة إلى الوراء.
وسوف نُمسي مستسلمين صاغرين لقدرية “سارحة والرب راعيها” (“وماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه ووطنه، وما يغيّر الله بقوم ما لم يغيّروا بأنفسهم”)
والسلام.