فقرة خارج السياق للكاتب جورج
فصلُ الخريف عندنا من أجمل الفصول حيث يسود الطقس المعتدل، فلا حرّ الصيف الملتهب ولا بردُ الشتاءِ القارس، بل نسائمَ مُنعِشة وشمسٌ دافئة ، ما يُشعرُنا بالنشاط والحيوية ويُضفي علينا الطاقة الإيجابية التي تتظهّر أريحيةً على الوجوه .
(بين تشرين وتشرين صيف تاني)
هكذا توارثنا هذه المقولة الشعبية من الأجداد الى الآباء وهي حقيقة مثبتة بكل تأكيد .
إلا أن تشرينَنا الراهن غيرَ كل “التشارين” كذلك ُخريفنا هذا العام .
وبتنا لا ندري ما سوف يخيّم علينا هذه السنة خلال هذا الفصل في خِضمّ الحرب القاسية والمدمرة التي نعيش فصولها بمآسيها وضحاياها وخسائرها وتداعياتها .
وشهر “تشرين” ، يخشاه أناس كثُر عندنا عادة ويقلقون عند حلوله، كونه مثير لشهية الحروب وممهور بختمِها (ربما لاحوال الطقس الملائمة للقتال)، فعلى سبيل المثال حرب ٦ تشرين الاول ١٩٧٣ الحرب الإسرائيلية – العربية (بشراكة مصر وسوريا بشكل اساسي)،
حرب القوات السورية الى جانب قسم من القوى الشرعية آنذاك لإزاحة العماد عون بتاريخ ١٣ تشرين الاول عام ١٩٩٠، واللتان خلّفتا دماراً ومآسٍ كبيرة، لا زالت محفورة في ذاكرة كل من عايش تلك المرحلة كما أن جراحها لم تلتئِم حتى الآن.
ونحن اللبنانيين بكل اطيافنا دون استثناء ، نتطلّع ضارعين الى الله أن يَمُن علينا بالصيف الآمن بين التشرينين ، بوقف الحرب فورا وبموقفِ شُجاع يؤمن حفظ عِزتنا و صونِ كرامتٍنا الوطنية ( وهذا مطلوب بأسرع ما أمكن من المعنيين بهذه الحرب عندنا كما من المسؤولين الرسميين والقادة السياسيين المؤثرين لا سيما لدى الدول صاحبة القرار ومجلس الأمن الدولي و هيئة الأمم المتحدة من خلال القنوات الدبلوماسية المتاحة) لأن بلدنا غير مؤهل لاستمرار الحرب المدمّرة وليس لدينا إمكانات كافية للصمود لا سيما اذا ما تعرّضنا لحصارٍ مُطبَق بحراً وبراً وجواً ” لاسمح الله” وشعبنا قد أضحى نصفه تقريباً إما نازحا في مراكز الإيواء او يفترش الأرصفة والحدائق العامة او ضيفاً لدى الاصدقاء او بلا مأوى ليستر فيه عوائله أو لم يعد لديه مالاً ليتدبر أمره والأهم انه مجروحٌ بكرامتِه التي هي أغلى ما عنده ولنحفظ ما تبقى لدينا وعندنا، وننتقل الى مرحلة جديدة لإعادة بناء ما تهدّم واستكمال بناء المؤسسات بانتخاب رأس للدولة ودفع دورة الحياة مجدداً الى الأمام وإن كان هناك الكثير من الصعوبات والتعقيدات والتشعبات المحلية و تقاطعِها مع الإقليمية،
وقد كفى الشعب اللبناني تحمّل الألام على درب الجلجلة الطويلة وحان وقت قيامة الوطن .
ورغم كل ما وصلنا اليه وما حلّ بنا سنظل نأمل بحلول ( الصيف الثاني بين التشرينين ) وليس حتى حلول “الكانونين” وما بعد بعدهما، ( تاريخ استلام الرئيس الأميركي الجديد المنتخب كما يرجِّح بعض المحللين على أننا مرتبطين عضويا بالتسوية المرتقبة على مستوى الإقليم ) والمطلوب من السلطات الدستورية الضغط بما تستطيع كي تتوقف هذه الحرب المدمّرة لكل شيء ُووضع حدٍّ للمجازر التي يتساقط فيها الضحايا والشهداء ُُ”كأوراق تشرين” ،
مردّدين من أغنية ُمعين شريف إقتباساً،
” يا حرب ، شو بيشبهِك تشرين ” ،
والسلام .