يحاول اللبنانيون التخفيف من حدة القلق الذي يعيشونه من احتمال توسع الحرب ويهربون من الطقس الحار ودرجات الحرارة المُرتفعة إلى الشواطئ والمسابح الممتدة على طول الساحل اللبناني.
ولكن مع ارتفاع أسعار الدخول إلى المنتجعات والمسابح الخاصة قرر العديد من اللبنانيين هذه السنة تمضية أيام الصيف الحارقة من خلال ارتياد الشواطئ حيث الدخول إليها يكون رمزيا وبالتالي تستطيع عائلة بكاملها الاستمتاع بالشمس والبحر، ولكن السؤال الأهم هل الشواطئ في لبنان تُراعي الشروط الصحية والبيئية؟ وهل هي مؤهلة للسباحة؟
تدنى عدد الشواطئ التي تصلح للسباحة عام 2022 من 24 شاطئاً إلى 22 في عام 2023 مع تزايد نسبة التلوث. وفيما كان 65% من مساحة الشاطئ صالحا للسباحة في عام 2022، تقلّصت هذه المساحة إلى 60%.
في هذا الإطار، يُشير الخبير البيئي الدكتور ضومط كامل عبر “لبنان ” إلى ان “أسباب عدّة تساهم في تلوث الشواطئ اللبنانية أبرزها سوء إدارة النفايات، تصريف مياه الصرف الصحي، والجريان السطحي الصناعي والزراعي”.
ويقول كامل: “الملوثات الخطيرة من صرف صحي وصرف صناعي ومشتقاتهما تؤثر على مصبات الأنهر الرئيسية ففي كل مصب هناك 500 متر او دائرة قطرها 1000 متر تكون نسبة التلوّث فيها مرتفعة جدا ولكن هذا التلوّث بسبب تسربه إلى مياه البحر يخف تأثيره حيث هناك بكتيريا تستطيع ان تقضي عليه خلال فترة تمتد ما بين 24 إلى 48 ساعة “.
ولفت إلى ان “المكبات الرئيسية في لبنان وعددها نحو 65 مكبا إضافة إلى عشرات مكبات الصرف الصحي المنزلي تصب كلها في البحر من دون أي معالجة”.
ويُضيف كامل: “لا شك ان قسما من شواطئ لبنان نظيف والقسم الآخر ملوّث لأن التيارات الهوائية والمائية هي التي تؤدي إلى انتشار التلوث”.
وتابع شارحا: “مياه البحر متحرّكة وفي العادة تتأثر معظم التيارات المائية من الجنوب نحو الشمال وما يؤثر أيضا في هذه الحركة مجرى نهر النيل الذي يدفع بالمياه شمالا، فعلى سبيل المثال في حال كان هناك أي تلوّث على شاطئ صيدا او صور ينتقل إلى جبيل والبترون في أقل من 24 ساعة ما يعني ان تحرّك المياه من الجنوب نحو الشمال سريع جدا”.
ويؤكد كامل ان “هناك العديد من الشواطئ النظيفة في لبنان وكل الشواطئ التي يصب فيها الصرف الصحي تنظف نفسها خلال 24 أو 48 ساعة، ولكن المصبات الرئيسة للصرف الصحي هي في تلوّث دائم حيث تصب كميات كبيرة في البحر وتنقلها التيارات المائية من منطقة إلى أخرى ولكن كما ذكرت سابقا خلال 24 ساعة إلى 48 ساعة تنظفها البكتيريا الموجودة في البحر بنسبة 100%”.
وشدد على ان “الخطر الأكبر هو في حال ارتاد الناس الشاطئ وأصيبوا بمجرور مباشر، فإذا كان التيار الهوائي يمتد على سبيل المثال من منطقة الكسليك إلى جبيل او من الكسليك إلى بيروت ، فان من يسبح في الشاطئ يصل إليه التيار المشبع بالصرف الصحي أو الصناعي وهنا تكون الكارثة الكبرى”.
شاطئ بيئي بامتياز في لبنان
وعن الشواطئ النظيفة، يكشف كامل ان “هناك شاطئا بيئيا بامتياز في نهر إبراهيم حيث يوجد مراقبة على المصانع التي مُنعت من رمي النفايات في مجرى النهر ما مكّن منطقة نهر إبراهيم وتحديدا شاطئ العقيبة في كسروان من أن يكون من أنظف الشواطئ في لبنان، إضافة إلى ساحل جبيل وشاطئ البترون وشواطئ طرابلس والميناء التي هي بغالبيتها شواطئ نظيفة وآمنة للسباحة”.
ويُشدد على ان “مراكز الملوثات هي قليلة جدا على الشواطئ اللبنانية كما ان المواقع الملوّثة لا تتعدى الـ 100 موقع وهي تُعاني بمعظمها من مشكلة الصرف الصحي”.
ويُعيد كامل التوضيح بأن مياه البحر لديها بكتيريا تستطيع ان تنظف كل الملوثات وفي حال كان هناك تيار مائي نقل الصرف الصحي من منطقة إلى أخرى خلال 24 ساعة أو 48 ساعة كحد أقصى تُصبح المياه نظيفة 100 % “.
وشدد كامل على انه “يجب عدم الحديث عن مناطق ملوّثة ومناطق نظيفة، فالتلوّث يحصل بسبب المجارير التي تصب في منطقة معنية وعندما يكون هناك تيارات مائية ينتقل التلوث من منطقة إلى أخرى ولكن في معظم الأماكن حركة التيارات الهوائية في المتوسط تُساهم بتنظيف الشواطئ بشكل كبير”.
أما بالنسبة للثروة السمكية، فطمأن كامل بأنها “ليست في خطر، لأن الثروة السمكية تكون في قعر البحر، وبالتالي لا تصل إليها الملوّثات، في حين ان الأسماك التي تكون على الشاطئ وتتغذّى على الملوّثات الناتجة من مياه الصرف الصحي أو النفايات الصناعية والعضوية، ستتأثّر وتؤثّر سلباً في صحة الإنسان في حال تناولها”.